الثورات العربية .. رؤية أدبية
المصدر : وكالات خارجية
الراية القطرية
بقلم : شاذلي عبد الرازق الزين
..عندما هبت الثورة التونسية مطلقة النار على هشيم الحكومات العربية استحضرت معها أدبياتها الخاصة فكان الشاعر الكبير أبو القاسم الشابي حاضرا بين الثوار الشباب يهرول معهم ويستنشق الغازات المسيلة للدموع عبر قصائده التي ألهبت الوجدان التونسي والعربي، ونسبة لكونها الثورة الاولى بين الثورات العربية نجد أن أدبياتها مستحدثة بل أصبحت بعد ذلك مصدرا لإلهام الثوار العرب في بقية البلدان العربية واستندت الادبيات التونسية على الواقع والتراث التونسي الزاخر ولم تخل من بعض التراث الأممي العالمي، وكانت اللغة الفرنسية حاضرة في هتافات الشباب كجزء من المكون الثقافي التونسي ولكن نجد أن اللغة العربية استعادت بعض أمجادها وجزءا كبيرا من بريقها المفقود لحساب اللغة الفرنسية وكما فضل الشباب التونسي الأغاني على نمط الهيب هوب والراب مع وجود ثابت لرائعة أبو القاسم الشابي "إذا الشعب يوما أراد الحياة".
وعندما انتقلت العدوى إلى مصر الدولة ذات الثقل السياسي والفني والموروث الضخم من الثقافة، لم تتمكن رغم إرثها العظيم من الخروج من أدبيات الثورة التونسية فكان شعار"الشعب يريد" حاضرا وبكل قوة ولكن تجلى إبداع الشعب المصري في خلق تفرعات جميلة ومبهرة من الهتاف ذاته وبملاحظة بسيطة يظهر التفوق المصري من حيث الكم في الشعارات والأدبيات وبروز المنولوجات والنكتة الخفيفة والشعارات الظريفة، وفي مجال الأغاني فضل الشباب الرجوع للزمن الجميل فكانت الأغاني القديمة هي الزاد الوجداني لأصحاب ميدان التحرير .
تفردت الثورة الليبية بالهتافات العنيفة وخلت من الطرافة تماما كإسقاط طبيعي للعنف الذي صاحب مسيرة الثوار الليبيين ولأن" صاحب "الزنقة" دخل في معارك حربية مع الشباب الليبي فكانت هتافاتهم مختلفة في النوع والمضمون وانشغلوا بالمعارك واختفت الهتافات تماما إلا في بعض المدن مثل بنغازي وبقية المدن المحررة.
بالرغم من أن الثورات المصرية والتونسية والليبية كانوا من الممكن أن يشكلوا ذخيرة أدبية للثوار السوريين إلا أن ثوار سوريا فضلوا التفرد الكامل والمتميز عن بقية الثورات في الأغاني والشعارات فشهدنا شعارات جميلة نسمع بها لأول مرة، وبصورة عامة نستطيع أن نقول إن الشاعر الشابي شكل القاسم المشترك في كل الادبيات واستحق لقب ملهم الثوار وكما أن الأمل الذي أشاعه الشابي قبل سنين بحتمية استجابة القدر لإرادة الشعوب وجد له من يتحسسه ويتمسك به في الألفية الثانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق